أين هن؟

بعد متابعة بسيطة لمحتوى بعض المدونات والمواضيع المطروحة لاحظت انخفاض واضح في مشاركة الآنسات والسيدات في المواضيع السياسية. وفي كثير من المناسبات رأيت ان المدونات أو الزائرات المستمرات لبعض المواقع يشاركن بحماس في المواضيع الاجتماعية والأدبية والفكاهية ويختفين عندما تطرح مواضيع سياسية وبالأخص السياسية العالمية أو غير المحلية

لا يمكنني أن أتأكد من دقة هذه الملاحظة ولا من الأسباب وراء ذلك - ان كانت تلك ظاهرة فعلية. لذا فانني أطرح هذا الموضوع للنقاش لأتعرف على آرائكم وتحليلاتكم. ولكن بافتراض ان الملاحظة صحيحة فان اسباب عزوف الشباب بشكل عام والنساء بشكل خاص عن النقاش السياسي قد تعود لأحد هذين السببين أو كلاهما- الأول: عدم الاكتراث أو الاهتمام بما يحدث في السياسة المحلية أو خارج أسوار الكويت ، الثاني: الشعور بنقص الخبر في هذه المجالات وبالتالي الاكتفاء بالقراءة دون محاولة الدخول في النقاش

قد يكون العمل السياسي المنظم والعلني جديد على الساحة الكويتية بشكل عام وقد تكون مشاركة المرأة ما زالت مقتصرة على "العلاقات العامة" وجذب أصوات النساء. ولكن الوضع سيتغير جذريا مع الانتخابات البرلمانية القادمة. فالقوى والتنظيمات السياسية ستعمل على تعديل برامجها السياسية لتخدم قضايا المرأة كل حسب رؤيته. ولنجاح هذه البرامج لابد أن يكون للمرأة دور في اتخاذ القرار داخل هذه التنظيمات والقوى السياسية. كيف سيمكن للمرأة اتخاذ قرارت بهذه الأهمية دون الخبرة والمعرفة المطلوبة؟

ثم ياتي الدور الأكبر والمطلوب من الكل، وهو انتخاب من يمثل طموحاتنا وآمالنا لوطننا ومستقبل ابناءنا ليمثلنا في مجلس الأمة. ولننتخب الممثل المناسب يجب أن نملك المهارات اللازمة للقياس والاختبار واتخاذ القرار. فالكلام دوما جميل ولكن المهم هو قدرة المرشحين والمرشحات على تطبيق برامجهم والصمود أمام المغريات والضغوط. فكيف يمكننا قياس ذلك دون قراءة فاحصة لبرامج المرشحين وسيرهم الذاتية؟ كيف سنتمكن من مناقشة ومواجهة المرشحين والمرشحات وأنصارهم بالحجة والمنطق اذا لم نملك الأدوات المناسبة؟

ويحصر الكثيرون من الشباب والشابات اهتماماتهم السياسية في الساحة المحلية ، وهذا خطر أيضا في رأيي لأنه يشكل رؤية قاصرة حتى للقضايا الداخلية. فكيف يمكن نقاش الاقتصاد الكويتي دون الدخول فيما يحدث في الاقتصاد العالمي والاتفاقيات الدولية التي تدخل فيها الكويت أو تؤثر فيها؟ كيف ندرس قوة أو ضعف القوى السياسية دون دراسة امتداداتها التاريخية والجغرافية في العالم العربي؟ كيف نضمن أمننا واستقرارنا بمعزل عن أمن واستقرار دول الجوار؟ النظر بزاوية ضيقة لواقع السياسية المحلية سيعطي حلولا ناقصة وقصيرة الأمد وبرامج هشة ستسقط عند أول اختبار قومي أو عالمي

أما عدم الاكتراث فهو أخطر وخصوصا في صفوف الشباب. فكل قضايا الشباب بلا استثناء لها جذور أو أوجه سياسية: الرياضة ، الفن ، الأدب ، حرية الرأي والتعبير ، التعليم ، الصحة ، البطالة ، المخدرات .. الخ. فكيف يمكن نقاش أو الاستمرار في نقاش أي من هذه المواضيع دون الاهتمام بالسياسة؟ مثال بسيط وواضح: ماذا لو قررت الدولة وضع شروط أو رقابة مسبقة على المدونات؟ حتى تلك التي تقتصر على المواضيع الأدبية والفكاهية (من منطلق المساواة في الظلم عدالة) كيف سيتم فهم هذا القرار؟ كيف سيتم التعامل معه؟ من سيساند من؟ ما هي أدوات ومنافذ الضغط والتغيير؟ كل تلك قضايا سياسية بحته لا يمكن الدخول فيها دون فهم واضح للعديد من الأمور السياسية الأخرى
قد تكون السياسة معقدة وغير واضحة وهذا مزعج حتى للعاملين فيها. ولكن ليس من المطلوب ان نكون خبراء سياسيين وانما ان نهتم ونقرأ ونسأل. ما الذي يمنع أن أقول "عفوا شباب .. الموضوع شكله حلو بس ما عندي أي خلفية عنه. ممكن أحد يشرح لي من الأول شنو صار؟ والا شنو المشكلة؟" .. سؤال بسيط ولكن قد يفتح ابواب كثيرة قد تكون غائبة عنا


سؤالي: ما الذي يجذبك؟ وما الذي يكرهك بالسياسية؟ و كيف تؤثر الأحداث السياسية المحلية والاقليمية العالمية على حياتك اليومية؟